صلاة العيديـــــن
حكمها :
صلاة العيدين واجبة لمواظبة النبي (صلى الله عليه و سلم( عليها وأمره الرجال والنساء أن يخرجوا لها.
فعن أم عطيّة قالت : "أمرنا رسول الله ) صلى الله عليه و سلم) أن نخرجهن في الفطر والأضحى : العواتق( ) والحيّض وذوات الخدور( )، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت يا رسول الله : إحدانا لا يكون لها جلباب، قال : لتلبسها أختها من جلبابها"( ).
وجاء في "الروضة الندية" (1/357) – بحذف - : "قد اختلف أهل العلم هل صلاة العيد واجبة أم لا ؟ والحق الوجوب، لأنّه (صلى الله عليه و سلم) مع ملازمته لها قد أمرنا بالخروج إليها كما في حديث أمره (صلى الله عليه و سلم) للناس أن يغدوا إلى مصلاهم، بعد أن أخبره الركب برؤية الهلال( ) وثبت في الصحيحين من حديث أم عطية (المتقدم) قالت : ... وذكره.
قال : فالأمر بالخروج يقتضي الأمر بالصلاة لمن لا عذر لها بفحوى الخطاب، والرجال أولى من النساء بذلك.
بل ثبت الأمر القرآني بصلاة العيد كما ذكره أئمة التفسير في قوله تعالى :]فصل لربك وانحر(( ) فإنهم قالوا : المراد صلاة العيد.
ومن الأدلة على وجوبها أنها مسقطة للجمعة إذا اتفقتا في يوم واحد، وما ليس بواجب لا يسقط ما كان واجبا".
وفيه (1/358) : ... وعند أبي حنيفة تجب صلاة العيد على كل من تجب عليه صلاة الجمعة ويشترط لصلاة العيد ما يشترط للجمعة، كذا في "المسوى" (1/222 – 223) وغيره". انتهى.
قال ( ) – الألباني في "الصحيحة" : (وجوب خروج النساء إلى مصلى العيد)، وذلك تحت حديث رقم (2408) عن أخت عبد الله بن رواحة الأنصار عن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) أنه قال : وجب الخروج على كل ذات نطاق. يعني في العيدين( ).
آداب يوم العيدين
لبس الثياب الجميلة :
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : " كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم) يلبس يوم العيد بردة حمراء"( ).
الأكل قبل الخروج في الفطر دون الأضحى :
عن أنس بن مالك قال : "كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم) لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات (ويأكلهن وترا)"( ).
تأخير الأكل يوم الأضحى ليأكل من أضحيته :
عن بريدة قال : "كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم)لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل، وكان لا يأكل يوم النحر حتى يرجع"( ).
الخروج إلى المصلى :
تؤدى صلاة العيد في المصلى لما تقدم من الأحاديث.
خروج النساء والصبيان :
لحديث أم عطية المتقدم : "أمرنا رسول الله (صلى الله عليه و سلم) أن نخرجهن في الفطر والأضحى : العواتق والحيض وذوات الخدور ...".
وعن عباس قال : "خرجت مع النبي (صلى الله عليه و سلم) يوم فطر أو أضحى، فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة"( ).
مخالفة الطريق :
يستحب مخالفة الطريق يوم العيد، فيذهب في طريق ويرجع في آخر.
فعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال : "كان النبي (صلى الله عليه و سلم) إذا كان يوم عيد خالف الطريق"( ).
وعن أبي هريرة قال : "كان النبي (صلى الله عليه و سلم) إذا خرج إلى العيدين رجع في غير الطريق الذي خرج فيه"( ).
وقت صلاة العيد :
يدخل وقت صلاة عيد الفطر عند ارتفاع الشمس( ) ويكون ذلك حين تكون الشمس على قيد رمحين، والأضحى على قيد رمح( ).
عن عبد الله بن بسر، أنه خرج مع الناس في يوم عيد فطر أو أضحى، فأنكر إبطاء الإمام( )، وقال : "إنا كنا مع النبي (صلى الله عليه و سلم) قد فرغنا( ) ساعتنا هذه( )، وذلك حين التسبيح( )"( ).
هل يؤذن للعيدين أو يقام ؟
عن عطاء عن ابن عباس وجابر بن عبد الله الانصاري قالا : لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى، ثم سألته بعد حين عن ذلك، فأخبرني قال : أخبرني جابر بن عبد الله الأنصاري أن لا أذان للصلاة العيد يوم الفطر حين يخرج الإمام ولا بعد ما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شيء ولا نداء يومئذ ولا إقامة"( ).
وعنه أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير أول ما بويع له، أنه لم يكن يؤذن للصلاة يوم الفطر. فلا تؤذن لها قال : فلم يؤذن لها ابن الزبير يومه. وأرسل إليه مع ذلك : إنما الخطبة بعد الصلاة وإن ذلك قد كان يفعل. قال : فصلى ابن الزبير قبل الخطبة"( ).
وعن جابر بن سمرة، قال : "صليت مع رسول الله (صلى الله عليه و سلم) العيدين غير مرة ولا مرتين، بغير أذان ولا إقامة"( ).
ولا يجوز الأذان أو الإقامة للعيدين بحال من الأحوال، وليس لأحد أن يزعم ضرورة ذلك، لبيان وقت وتنبيه ساه ونحو ذلك فهذا يقتضيه حال الصحابة – رضي الله عنهم – ومع ذلك لم يفعلوه، ولم يأمرهم النبي (صلى الله عليه و سلم) بذلك، فدل على أنه بدعة، وبالله التوفيق.
صفة الصلاة :
صلاة العيد ركعتان، يكبر فيها بعد تكبيرة الإحرام، وقبل القراءة سبعا، وفي الثانية قبل القراءة خمسا.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : "قال نبي الله : التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما"( ).
وعن عائشة رضي الله عنها – "أن الرسول الله (صلى الله عليه و سلم) كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمسا"( ).
وورد التكبير أربعا، فعن القاسم أبي عبد الرحمن قال : حدثني بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و سلم) قال : "صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه و سلم) يوم عيد، فكبر أربعا أربعا، ثم أقبل علينا بوجهه حين انصرف قال : لا تنسوا، كتكبير الجنائز، وأشار بأصبعه، وقبض إبهامه يعني في صلاة العيد"( ).
وعن سعيد بن العاص : "أنه سأل أبا موسى الأشعري، وحذيفة بن اليمان : كيف كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكبر في الأضحى والفطر ؟
فقال أبو موسى : كان يكبر أربعا تكبيره على الجنائز، فقال حذيفة : صدق، فقال أبو موسى : كذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم"( ).
قال الألباني في "الصحيحة" (6/ 1263) : والحق أن الأمر واسع في تكبيرات العيدين، فمن شاء كبر أربعا بناء على هذا الحديث والآثار التي معه( )، ومن شاء كبر سبعا في الأولى، وخمسا في الثانية بناء على الحديث المسند الذي أشار إليه البيهقي، وقد جاء عن جمع من الصحابة، يرتقي بمجموعها إلى درجة الصحة، كما حققته في "إرواء الغليل" (رقم 639).
والحق أن كل ذلك جائز، فبأيهما فعل فقد أدى السنة، ولا داعي للتعصب والفرقة، وإن كان السبع والخمس أحب إلي لأنه أكثر". انتهى. وانظر "المحلى" تحت المسألة (543) للمزيد من الاطلاع – إن شئت – و"مصنف ابن أبي شيبة" (1/493) (في التكبير في العيدين واختلافهم فيه)، و"مصنف عبد الرزاق"(3/291) (باب التكبير في الصلاة يوم العيد).
والتكبير سنة لا تبطل الصلاة بتركه عمدا ولا سهوا( )، قال ابن قدامة : "ولا أعلم فيه خلافا"، ورجح الشوكاني أنه إذا تركه سهوا لا يسجد للسهو( ).
وعن حماد بن سلمة عن إبراهيم : "إن الوليد بن عقبة دخل المسجد، وابن مسعود وحذيفة وأبو موسى في عرصة المسجد( )، فقال الوليد : إن العيد قد حضر فكيف أصنع ؟ فقال ابن مسعود : يقول : الله أكبر، ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي (صلى الله عليه و سلم) ويدعو الله، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي (صلى الله عليه و سلم) ويدعو الله، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي (صلى الله عليه و سلم) ويدعو، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي (صلى الله عليه و سلم) ثم كبر، واقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم كبر واركع واسجد، ثم قم فاقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم كبر واحمد الله وأثن عليه، وصل على النبي (صلى الله عليه و سلم) وادع، ثم كبر واحمد الله، وأثن عليه، وصل على النبي (صلى الله عليه و سلم) واركع واسجد، قال : فقال حذيفة وأبو موسى : أصاب"( ).
وعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - قال في صلاة العيد : "بين كل تكبيرتين حمد لله عز وجل وثناء على الله"( ).
هل يرفع يديه مع كل تكبيرة ؟
لم يثبت عن النبي (صلى الله عليه و سلم) أنه رفع يديه، وقد روي عن عمر رفع اليدين وليس بثابت كذلك( ).
وجاء في "المحلى" تحت المسالة (543) : "ولا يرفع يديه في شيء منها إلا حيث يرفع سائر الصلوات فقط".
القراءة فيها :
يقرأ الإمام في صلاة العيد بـ ) سبح اسم ربك الأعلى(، و) هل أتاك حديث الغاشية(، أو بـ
) اقتربت الساعة (و)ق والقرآن المجيد(.
فعن النعمان بن بشير، قال : "كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم) يقرأ في العدين وفي الجمعة، بـ)سبح باسم ربك(، و) هل أتاك حديث الغاشية (. قال : وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، يقرأ بهما أيضا في الصلاتين"( ).
وعن سمرة قال : كان النبي (صلى الله عليه و سلم) يقرأ في العيدين : )سبح باسم ربك الأعلى(، و) هل أتاك حديث الغاشية (( ).
وعن أبي واقد الليثي، قال : "سألني عمر بن الخطاب عما قرأ به رسول الله (صلى الله عليه و سلم) في يوم العيد ؟ فقلت : ") اقتربت الساعة(و)ق والقرآن المجيد(( ).
هل يصلي قبلها أو بعدها ؟
عن ابن عباس – رضي الله عنه – أن النبي (صلى الله عليه و سلم) خرج يوم الفطر، فصلى ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها، ومعه بلال"( ).
وقال أبو المعلى : "سمعت سعيدا عن ابن عباس كره الصلاة قبل العيد"( ). وذكر الحافظ في "الفتح" (2/476) : أقوال العديد من العلماء في هذه المسألة، وبين من يرى ذلك ممن لا يراه، ومن فرق فيه بين الإمام والمأمون.
وفيه : "ونقل بعض المالكية الإجماع على أن الإمام لا يتنفل في المصلى، وقال ابن العربي : التنفل في المصلى لو فعل لنقل، ومن أجازه رأى أنه وقت مطلق للصلاة، ومن تركه رأى أن النبي (صلى الله عليه و سلم) لم يفعله، ومن اقتدى فقد اهتدى". انتهى.
خطبة العيد بعدها :
عن ابن عباس قال : "شهدت العيد مع رسول الله (صلى الله عليه و سلم) وأبي بكر وعمر وعثمان – رضي الله عنهم- فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة"( ).
وعن أبي سعيد الخدري قال : "كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم) يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه أو يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف.
قال أبو سعيد : فلم يزل الناس على ذلك، حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في الأضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له : غيرتم والله فقال : أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت : ما أعلم والله خير مما لا أعلم فقال : "إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة"( ).
وعن عبد الله بن السائب قال : "شهدت مع رسول الله (صلى الله عليه و سلم) العيد، فلما قضى الصلاة قال : إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب"( ).
وعن ابن عباس – رضي الله عنه – قال : "إن الخطبة بعد الصلاة"( ).
هل يفتتح الخطبة بالتكبير ؟
يفتتح الخطيب خطبته يوم العيد بخطبة الحاجة على الأصل، ولم يثبت أن النبي(صلى الله عليه
و سلم) كان يفتتح خطبتي العيد بالتكبير، وأشار ابن القيم إلى هذا "زاد المعاد"( ).
قضاء صلاة العيد :
عن أبي عمير بن أنس بن مالك قال : "حدثني عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و سلم) قالوا : أغمي علينا هلال شوال، فأصبحنا صياما، فجاء ركب من آخر النهار، فشهدوا عند النبي (صلى الله عليه و سلم) أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم رسول الله (صلى الله عليه و سلم) أن يفطروا، وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد"( ).
إذ فاتته الصلاة مع الجماعة :
قال البخاري في "صحيحه" : (باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين)، وكذلك النساء ومن كان في البيوت والقرى، لقول النبي (صلى الله عليه و سلم) : "هذا عيدنا أهل الإسلام". وأمر أنس بن مالك مولاهم ابن أبي عتبة بالزاوية، فجمع أهله وبنيه وصلى كصلاة أهل المصر وتكبيرهم، وقال عكرمة : أهل السواد يجتمعون في العيد، يصلون ركعتين كما يصنع الإمام، وقال عطاء : إذا فاته العيد صلى ركعتين( ).
الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه ( ):
عن أنس قال : "قدم رسول الله (صلى الله عليه و سلم) المدينة ولهم ويومان يلعبون فيهما فقال : ما هذان اليومان ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) : إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما : يوم الأضحى ويوم الفطر"( ).
وعن عائشة قالت : دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان، بما تقاولت الأنصار يوم بعاث( )، قالت : وليستا بمغنيتين. فقالوا أبو بكر : أمزامير الشيطان في بيت رسول الله (صلى الله عليه و سلم) ؟وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) : يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا"( ).
وفي رواية لمسلم (892) : فاقدروا( ) قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو.
وفي رواية قالت عائشة : دخل علي رسول الله (صلى الله عليه و سلم) وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال : مزمارة الشيطان عند النبي(صلى الله عليه و سلم) ! فأقبل عليه رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فقال : دعهما فلما غفل غمزتهما( ) فخرجتا"( ).
وفي رواية لمسلم (892) : "جاء حبش يزفنون( ) في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي (صلى الله عليه و سلم)، فوضعت رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم ...".
وعن نبيشة الهذلي قال : "قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) أيام التشريق أيام أكل وشرب وفي رواية : وزاد فيه وذكر لله"( ).
فضل العمل الصالح أيام العشر من ذي الحجة :
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : "قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر، قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، قال : ولا جهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع ذلك بشيء"( ).
وجاء في الإرواء" (398/3) : "وفي رواية للدرامي (26/2) بلفظ : ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى ..."، والباقي مثله، وزاد : "قال : وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه"( ).
وقال ابن عباس : "ويذكروا اسم الله في أيام معلومات" : أيام العشر، والأيام المعدودات : أيام التشريق. رواه البخاري معلقا مجزوما به، وقال الحافظ في "الفتح" (2/458) "لم أراه موصولا عنهما".
وقال البخاري : (باب فضل العمل في أيام التشريق)، وقال ابن عباس : ) واذكروا الله في أيام معلومات(، أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق.
استحباب التهنئة بالعيد :
عن جبير بن نفير قال : "كان أصحاب النبي (صلى الله عليه و سلم) إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنكم"( ).
التكبير في أيام العيد :
قال الله تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون(( ).
جاء في "تفسير ابن كثير" : "... ولهذا أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم(، حتى ذهب داود بن علي الأصبهاني الظاهري إلى وجوبه، في عيد الفطر لظاهر الأمر في قوله ولتكبروا الله على ما هداكم(، وفي مقابلته مذهب أبي حنيفة – رحمه الله – أنه لا يشرع التكبير في عيد الفطر، والباقون على استحبابه". وهذا في عيد الفطر، والتكبير فيه من وقت الخروج إلى الصلاة، إلى ابتداء الخطبة.
أما الأضحى ففيه قوله سبحانه واذكرا الله في أيام معدودات(( ).
جاء في "الإرواء" (3/121) : "روى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال : كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم، حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام سكتوا، فإذا كبر كبروا".
فيه (ص 122) : " ... ثم روى (أي : القريابي) بسند صحيح عن الوليد (وهو ابن مسلم) قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين ؟ قالا : نعم، كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام".
وفيه (ص 123) : "وقد صح عن الزهري مرسلا مرفوعا، فقال ابن أبي شيبة (2/1/2) : حدثنا يزيد بن هارون عن أبي ذئب عن الزهري : أن رسول الله كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير( ).
وهذا سند صحيح مرسلا، ومن هذا الوجه أخرجه المحاملي (2/142).
وقد روي من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعا. أخرجه البيهقي (2/142). من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله ابن عمر : أن الرسول (صلى الله عليه و سلم) كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس وعبد الله والعباس وعلي وجعفر والحسن والحسين وأسامة بن زيد بن حارثة وأيمن بن أم أيمن – رضي الله عنهم- رافعا صوته بالتهليل والتكبير، فأخذ طريق الحذائين حتى يأتي المصلى، وإذا فرغ رجع على الحذائين حتى يأتي منزله.
وقال الألباني – في آخر التخريج : "فالحديث صحيح عندي موقوفا ومرفوعا والله أعلم". انتهى.
وانظر ما جاء في "الأوسط" (4/249) من آثار في ذلك.
ووقته في عيد الأضحى من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.
قال الألباني عن علي وابن عباس، وقد خرجتهما في "الإرواء" (125/3)، ورواه الحاكم عن ابن مسعود. انتهى.
والذي جاء في "الإرواء" تحت الحديث (653) : "وقد صح عن علي – رضي الله عنه – أنه كان يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة، إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، ويكبر بعد العصر".
وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما( ).
فائدة : قال الألباني : "وفي الحديث دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين من التكبير جهرا في الطريق إلى المصلى، وإن كان كثير منهم بدؤوا يتساهلون بهذه السنة، حتى كادت أن تصبح في خبر كان، وذلك لضعف الوازع الديني منهم، وخجلهم من الصدع بالسنة والجهر بها، ومن المؤسف أن فيهم من يتولى إرشاد الناس وتعليمهم، فكأن الإرشاد عندهم محصور بتعليم الناس ما يعلمون ! وأما ما هم بأمس الحاجة إلى معرفته، فذلك مما لا يلتفتون إليه، بل يعتبرون البحث فيه والتذكير به قولا وعملا من الأمور التافهة التي لا يحسن العناية بها عملا وتعليما، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومما يحسن التذكير بهذه المناسبة : أن الجهر بالتكبير هنا لا يشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض، وكذلك كل ذكر يشرع فيه رفع الصوت أو لا يشرع، فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور، ومثله الأذان من الجماعة المعروف في دمشق بـ (أذان الجوق)، وكثيرا ما يكون هذا الاجتماع سببا لقطع الكلمة أو الجملة في مكان لا يجوز الوقوف عنده، مثل : "لا إله" ! في تهليل فرض الصبح والمغرب، كما سمعنا ذلك مرارا".
فلنكن في حذر من ذلك، ولتذكر دائما قوله صلى الله عليه وآله وسلم : "وخير الهدي هدي محمد".
صيغة التكبير :
الفتح" (3/116) : وقد أحدث في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أصل لها. انتهى.
قال الشوكاني : "والظاهر أن تكبير التشريق لا يختص استحبابه بعقب الصلوات، بل هو مستحب في كل وقت من تلك الأيام، كما تدل على ذلك الآثار".
وجاء قبله (1/366) : "... ولم يثبت تعيين لفظ مخصوص ولا وقت مخصوص ولا عدد مخصوص، بل المشروع الاستكثار منه دبر الصلوات وسائر الأوقات، فما جرت عليه عادة الناس اليوم استنادا إلى بعض الكتب الفقهية من جعله عقب كل صلاة فريضة ثلاث مرات، وعقب كل صلاة نافلة مرة واحدة، وقصر المشروعية على ذلك فحسب، ليس عليه أثارة من علم فيما أعلم، وأصح ما ورد فيه عن الصحابة أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى".جاء في "الروضة الندية" (1/367) : "وأما صفة التكبير فأصح ما ورد فيه أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال : كبروا، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، قال في شرح "المنتقى" (3/116) .
نقلا عن الموسوعة الفقهية لفضيلة الشيخ حسين العوايشة.
حكمها :
صلاة العيدين واجبة لمواظبة النبي (صلى الله عليه و سلم( عليها وأمره الرجال والنساء أن يخرجوا لها.
فعن أم عطيّة قالت : "أمرنا رسول الله ) صلى الله عليه و سلم) أن نخرجهن في الفطر والأضحى : العواتق( ) والحيّض وذوات الخدور( )، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت يا رسول الله : إحدانا لا يكون لها جلباب، قال : لتلبسها أختها من جلبابها"( ).
وجاء في "الروضة الندية" (1/357) – بحذف - : "قد اختلف أهل العلم هل صلاة العيد واجبة أم لا ؟ والحق الوجوب، لأنّه (صلى الله عليه و سلم) مع ملازمته لها قد أمرنا بالخروج إليها كما في حديث أمره (صلى الله عليه و سلم) للناس أن يغدوا إلى مصلاهم، بعد أن أخبره الركب برؤية الهلال( ) وثبت في الصحيحين من حديث أم عطية (المتقدم) قالت : ... وذكره.
قال : فالأمر بالخروج يقتضي الأمر بالصلاة لمن لا عذر لها بفحوى الخطاب، والرجال أولى من النساء بذلك.
بل ثبت الأمر القرآني بصلاة العيد كما ذكره أئمة التفسير في قوله تعالى :]فصل لربك وانحر(( ) فإنهم قالوا : المراد صلاة العيد.
ومن الأدلة على وجوبها أنها مسقطة للجمعة إذا اتفقتا في يوم واحد، وما ليس بواجب لا يسقط ما كان واجبا".
وفيه (1/358) : ... وعند أبي حنيفة تجب صلاة العيد على كل من تجب عليه صلاة الجمعة ويشترط لصلاة العيد ما يشترط للجمعة، كذا في "المسوى" (1/222 – 223) وغيره". انتهى.
قال ( ) – الألباني في "الصحيحة" : (وجوب خروج النساء إلى مصلى العيد)، وذلك تحت حديث رقم (2408) عن أخت عبد الله بن رواحة الأنصار عن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) أنه قال : وجب الخروج على كل ذات نطاق. يعني في العيدين( ).
آداب يوم العيدين
لبس الثياب الجميلة :
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : " كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم) يلبس يوم العيد بردة حمراء"( ).
الأكل قبل الخروج في الفطر دون الأضحى :
عن أنس بن مالك قال : "كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم) لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات (ويأكلهن وترا)"( ).
تأخير الأكل يوم الأضحى ليأكل من أضحيته :
عن بريدة قال : "كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم)لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل، وكان لا يأكل يوم النحر حتى يرجع"( ).
الخروج إلى المصلى :
تؤدى صلاة العيد في المصلى لما تقدم من الأحاديث.
خروج النساء والصبيان :
لحديث أم عطية المتقدم : "أمرنا رسول الله (صلى الله عليه و سلم) أن نخرجهن في الفطر والأضحى : العواتق والحيض وذوات الخدور ...".
وعن عباس قال : "خرجت مع النبي (صلى الله عليه و سلم) يوم فطر أو أضحى، فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة"( ).
مخالفة الطريق :
يستحب مخالفة الطريق يوم العيد، فيذهب في طريق ويرجع في آخر.
فعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال : "كان النبي (صلى الله عليه و سلم) إذا كان يوم عيد خالف الطريق"( ).
وعن أبي هريرة قال : "كان النبي (صلى الله عليه و سلم) إذا خرج إلى العيدين رجع في غير الطريق الذي خرج فيه"( ).
وقت صلاة العيد :
يدخل وقت صلاة عيد الفطر عند ارتفاع الشمس( ) ويكون ذلك حين تكون الشمس على قيد رمحين، والأضحى على قيد رمح( ).
عن عبد الله بن بسر، أنه خرج مع الناس في يوم عيد فطر أو أضحى، فأنكر إبطاء الإمام( )، وقال : "إنا كنا مع النبي (صلى الله عليه و سلم) قد فرغنا( ) ساعتنا هذه( )، وذلك حين التسبيح( )"( ).
هل يؤذن للعيدين أو يقام ؟
عن عطاء عن ابن عباس وجابر بن عبد الله الانصاري قالا : لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى، ثم سألته بعد حين عن ذلك، فأخبرني قال : أخبرني جابر بن عبد الله الأنصاري أن لا أذان للصلاة العيد يوم الفطر حين يخرج الإمام ولا بعد ما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شيء ولا نداء يومئذ ولا إقامة"( ).
وعنه أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير أول ما بويع له، أنه لم يكن يؤذن للصلاة يوم الفطر. فلا تؤذن لها قال : فلم يؤذن لها ابن الزبير يومه. وأرسل إليه مع ذلك : إنما الخطبة بعد الصلاة وإن ذلك قد كان يفعل. قال : فصلى ابن الزبير قبل الخطبة"( ).
وعن جابر بن سمرة، قال : "صليت مع رسول الله (صلى الله عليه و سلم) العيدين غير مرة ولا مرتين، بغير أذان ولا إقامة"( ).
ولا يجوز الأذان أو الإقامة للعيدين بحال من الأحوال، وليس لأحد أن يزعم ضرورة ذلك، لبيان وقت وتنبيه ساه ونحو ذلك فهذا يقتضيه حال الصحابة – رضي الله عنهم – ومع ذلك لم يفعلوه، ولم يأمرهم النبي (صلى الله عليه و سلم) بذلك، فدل على أنه بدعة، وبالله التوفيق.
صفة الصلاة :
صلاة العيد ركعتان، يكبر فيها بعد تكبيرة الإحرام، وقبل القراءة سبعا، وفي الثانية قبل القراءة خمسا.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : "قال نبي الله : التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما"( ).
وعن عائشة رضي الله عنها – "أن الرسول الله (صلى الله عليه و سلم) كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمسا"( ).
وورد التكبير أربعا، فعن القاسم أبي عبد الرحمن قال : حدثني بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و سلم) قال : "صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه و سلم) يوم عيد، فكبر أربعا أربعا، ثم أقبل علينا بوجهه حين انصرف قال : لا تنسوا، كتكبير الجنائز، وأشار بأصبعه، وقبض إبهامه يعني في صلاة العيد"( ).
وعن سعيد بن العاص : "أنه سأل أبا موسى الأشعري، وحذيفة بن اليمان : كيف كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكبر في الأضحى والفطر ؟
فقال أبو موسى : كان يكبر أربعا تكبيره على الجنائز، فقال حذيفة : صدق، فقال أبو موسى : كذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم"( ).
قال الألباني في "الصحيحة" (6/ 1263) : والحق أن الأمر واسع في تكبيرات العيدين، فمن شاء كبر أربعا بناء على هذا الحديث والآثار التي معه( )، ومن شاء كبر سبعا في الأولى، وخمسا في الثانية بناء على الحديث المسند الذي أشار إليه البيهقي، وقد جاء عن جمع من الصحابة، يرتقي بمجموعها إلى درجة الصحة، كما حققته في "إرواء الغليل" (رقم 639).
والحق أن كل ذلك جائز، فبأيهما فعل فقد أدى السنة، ولا داعي للتعصب والفرقة، وإن كان السبع والخمس أحب إلي لأنه أكثر". انتهى. وانظر "المحلى" تحت المسألة (543) للمزيد من الاطلاع – إن شئت – و"مصنف ابن أبي شيبة" (1/493) (في التكبير في العيدين واختلافهم فيه)، و"مصنف عبد الرزاق"(3/291) (باب التكبير في الصلاة يوم العيد).
والتكبير سنة لا تبطل الصلاة بتركه عمدا ولا سهوا( )، قال ابن قدامة : "ولا أعلم فيه خلافا"، ورجح الشوكاني أنه إذا تركه سهوا لا يسجد للسهو( ).
وعن حماد بن سلمة عن إبراهيم : "إن الوليد بن عقبة دخل المسجد، وابن مسعود وحذيفة وأبو موسى في عرصة المسجد( )، فقال الوليد : إن العيد قد حضر فكيف أصنع ؟ فقال ابن مسعود : يقول : الله أكبر، ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي (صلى الله عليه و سلم) ويدعو الله، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي (صلى الله عليه و سلم) ويدعو الله، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي (صلى الله عليه و سلم) ويدعو، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي (صلى الله عليه و سلم) ثم كبر، واقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم كبر واركع واسجد، ثم قم فاقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم كبر واحمد الله وأثن عليه، وصل على النبي (صلى الله عليه و سلم) وادع، ثم كبر واحمد الله، وأثن عليه، وصل على النبي (صلى الله عليه و سلم) واركع واسجد، قال : فقال حذيفة وأبو موسى : أصاب"( ).
وعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - قال في صلاة العيد : "بين كل تكبيرتين حمد لله عز وجل وثناء على الله"( ).
هل يرفع يديه مع كل تكبيرة ؟
لم يثبت عن النبي (صلى الله عليه و سلم) أنه رفع يديه، وقد روي عن عمر رفع اليدين وليس بثابت كذلك( ).
وجاء في "المحلى" تحت المسالة (543) : "ولا يرفع يديه في شيء منها إلا حيث يرفع سائر الصلوات فقط".
القراءة فيها :
يقرأ الإمام في صلاة العيد بـ ) سبح اسم ربك الأعلى(، و) هل أتاك حديث الغاشية(، أو بـ
) اقتربت الساعة (و)ق والقرآن المجيد(.
فعن النعمان بن بشير، قال : "كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم) يقرأ في العدين وفي الجمعة، بـ)سبح باسم ربك(، و) هل أتاك حديث الغاشية (. قال : وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، يقرأ بهما أيضا في الصلاتين"( ).
وعن سمرة قال : كان النبي (صلى الله عليه و سلم) يقرأ في العيدين : )سبح باسم ربك الأعلى(، و) هل أتاك حديث الغاشية (( ).
وعن أبي واقد الليثي، قال : "سألني عمر بن الخطاب عما قرأ به رسول الله (صلى الله عليه و سلم) في يوم العيد ؟ فقلت : ") اقتربت الساعة(و)ق والقرآن المجيد(( ).
هل يصلي قبلها أو بعدها ؟
عن ابن عباس – رضي الله عنه – أن النبي (صلى الله عليه و سلم) خرج يوم الفطر، فصلى ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها، ومعه بلال"( ).
وقال أبو المعلى : "سمعت سعيدا عن ابن عباس كره الصلاة قبل العيد"( ). وذكر الحافظ في "الفتح" (2/476) : أقوال العديد من العلماء في هذه المسألة، وبين من يرى ذلك ممن لا يراه، ومن فرق فيه بين الإمام والمأمون.
وفيه : "ونقل بعض المالكية الإجماع على أن الإمام لا يتنفل في المصلى، وقال ابن العربي : التنفل في المصلى لو فعل لنقل، ومن أجازه رأى أنه وقت مطلق للصلاة، ومن تركه رأى أن النبي (صلى الله عليه و سلم) لم يفعله، ومن اقتدى فقد اهتدى". انتهى.
خطبة العيد بعدها :
عن ابن عباس قال : "شهدت العيد مع رسول الله (صلى الله عليه و سلم) وأبي بكر وعمر وعثمان – رضي الله عنهم- فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة"( ).
وعن أبي سعيد الخدري قال : "كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم) يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه أو يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف.
قال أبو سعيد : فلم يزل الناس على ذلك، حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في الأضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له : غيرتم والله فقال : أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت : ما أعلم والله خير مما لا أعلم فقال : "إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة"( ).
وعن عبد الله بن السائب قال : "شهدت مع رسول الله (صلى الله عليه و سلم) العيد، فلما قضى الصلاة قال : إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب"( ).
وعن ابن عباس – رضي الله عنه – قال : "إن الخطبة بعد الصلاة"( ).
هل يفتتح الخطبة بالتكبير ؟
يفتتح الخطيب خطبته يوم العيد بخطبة الحاجة على الأصل، ولم يثبت أن النبي(صلى الله عليه
و سلم) كان يفتتح خطبتي العيد بالتكبير، وأشار ابن القيم إلى هذا "زاد المعاد"( ).
قضاء صلاة العيد :
عن أبي عمير بن أنس بن مالك قال : "حدثني عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و سلم) قالوا : أغمي علينا هلال شوال، فأصبحنا صياما، فجاء ركب من آخر النهار، فشهدوا عند النبي (صلى الله عليه و سلم) أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم رسول الله (صلى الله عليه و سلم) أن يفطروا، وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد"( ).
إذ فاتته الصلاة مع الجماعة :
قال البخاري في "صحيحه" : (باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين)، وكذلك النساء ومن كان في البيوت والقرى، لقول النبي (صلى الله عليه و سلم) : "هذا عيدنا أهل الإسلام". وأمر أنس بن مالك مولاهم ابن أبي عتبة بالزاوية، فجمع أهله وبنيه وصلى كصلاة أهل المصر وتكبيرهم، وقال عكرمة : أهل السواد يجتمعون في العيد، يصلون ركعتين كما يصنع الإمام، وقال عطاء : إذا فاته العيد صلى ركعتين( ).
الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه ( ):
عن أنس قال : "قدم رسول الله (صلى الله عليه و سلم) المدينة ولهم ويومان يلعبون فيهما فقال : ما هذان اليومان ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) : إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما : يوم الأضحى ويوم الفطر"( ).
وعن عائشة قالت : دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان، بما تقاولت الأنصار يوم بعاث( )، قالت : وليستا بمغنيتين. فقالوا أبو بكر : أمزامير الشيطان في بيت رسول الله (صلى الله عليه و سلم) ؟وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) : يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا"( ).
وفي رواية لمسلم (892) : فاقدروا( ) قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو.
وفي رواية قالت عائشة : دخل علي رسول الله (صلى الله عليه و سلم) وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال : مزمارة الشيطان عند النبي(صلى الله عليه و سلم) ! فأقبل عليه رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فقال : دعهما فلما غفل غمزتهما( ) فخرجتا"( ).
وفي رواية لمسلم (892) : "جاء حبش يزفنون( ) في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي (صلى الله عليه و سلم)، فوضعت رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم ...".
وعن نبيشة الهذلي قال : "قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) أيام التشريق أيام أكل وشرب وفي رواية : وزاد فيه وذكر لله"( ).
فضل العمل الصالح أيام العشر من ذي الحجة :
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : "قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر، قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، قال : ولا جهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع ذلك بشيء"( ).
وجاء في الإرواء" (398/3) : "وفي رواية للدرامي (26/2) بلفظ : ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى ..."، والباقي مثله، وزاد : "قال : وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه"( ).
وقال ابن عباس : "ويذكروا اسم الله في أيام معلومات" : أيام العشر، والأيام المعدودات : أيام التشريق. رواه البخاري معلقا مجزوما به، وقال الحافظ في "الفتح" (2/458) "لم أراه موصولا عنهما".
وقال البخاري : (باب فضل العمل في أيام التشريق)، وقال ابن عباس : ) واذكروا الله في أيام معلومات(، أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق.
استحباب التهنئة بالعيد :
عن جبير بن نفير قال : "كان أصحاب النبي (صلى الله عليه و سلم) إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنكم"( ).
التكبير في أيام العيد :
قال الله تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون(( ).
جاء في "تفسير ابن كثير" : "... ولهذا أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم(، حتى ذهب داود بن علي الأصبهاني الظاهري إلى وجوبه، في عيد الفطر لظاهر الأمر في قوله ولتكبروا الله على ما هداكم(، وفي مقابلته مذهب أبي حنيفة – رحمه الله – أنه لا يشرع التكبير في عيد الفطر، والباقون على استحبابه". وهذا في عيد الفطر، والتكبير فيه من وقت الخروج إلى الصلاة، إلى ابتداء الخطبة.
أما الأضحى ففيه قوله سبحانه واذكرا الله في أيام معدودات(( ).
جاء في "الإرواء" (3/121) : "روى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال : كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم، حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام سكتوا، فإذا كبر كبروا".
فيه (ص 122) : " ... ثم روى (أي : القريابي) بسند صحيح عن الوليد (وهو ابن مسلم) قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين ؟ قالا : نعم، كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام".
وفيه (ص 123) : "وقد صح عن الزهري مرسلا مرفوعا، فقال ابن أبي شيبة (2/1/2) : حدثنا يزيد بن هارون عن أبي ذئب عن الزهري : أن رسول الله كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير( ).
وهذا سند صحيح مرسلا، ومن هذا الوجه أخرجه المحاملي (2/142).
وقد روي من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعا. أخرجه البيهقي (2/142). من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله ابن عمر : أن الرسول (صلى الله عليه و سلم) كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس وعبد الله والعباس وعلي وجعفر والحسن والحسين وأسامة بن زيد بن حارثة وأيمن بن أم أيمن – رضي الله عنهم- رافعا صوته بالتهليل والتكبير، فأخذ طريق الحذائين حتى يأتي المصلى، وإذا فرغ رجع على الحذائين حتى يأتي منزله.
وقال الألباني – في آخر التخريج : "فالحديث صحيح عندي موقوفا ومرفوعا والله أعلم". انتهى.
وانظر ما جاء في "الأوسط" (4/249) من آثار في ذلك.
ووقته في عيد الأضحى من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.
قال الألباني عن علي وابن عباس، وقد خرجتهما في "الإرواء" (125/3)، ورواه الحاكم عن ابن مسعود. انتهى.
والذي جاء في "الإرواء" تحت الحديث (653) : "وقد صح عن علي – رضي الله عنه – أنه كان يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة، إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، ويكبر بعد العصر".
وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما( ).
فائدة : قال الألباني : "وفي الحديث دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين من التكبير جهرا في الطريق إلى المصلى، وإن كان كثير منهم بدؤوا يتساهلون بهذه السنة، حتى كادت أن تصبح في خبر كان، وذلك لضعف الوازع الديني منهم، وخجلهم من الصدع بالسنة والجهر بها، ومن المؤسف أن فيهم من يتولى إرشاد الناس وتعليمهم، فكأن الإرشاد عندهم محصور بتعليم الناس ما يعلمون ! وأما ما هم بأمس الحاجة إلى معرفته، فذلك مما لا يلتفتون إليه، بل يعتبرون البحث فيه والتذكير به قولا وعملا من الأمور التافهة التي لا يحسن العناية بها عملا وتعليما، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومما يحسن التذكير بهذه المناسبة : أن الجهر بالتكبير هنا لا يشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض، وكذلك كل ذكر يشرع فيه رفع الصوت أو لا يشرع، فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور، ومثله الأذان من الجماعة المعروف في دمشق بـ (أذان الجوق)، وكثيرا ما يكون هذا الاجتماع سببا لقطع الكلمة أو الجملة في مكان لا يجوز الوقوف عنده، مثل : "لا إله" ! في تهليل فرض الصبح والمغرب، كما سمعنا ذلك مرارا".
فلنكن في حذر من ذلك، ولتذكر دائما قوله صلى الله عليه وآله وسلم : "وخير الهدي هدي محمد".
صيغة التكبير :
الفتح" (3/116) : وقد أحدث في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أصل لها. انتهى.
قال الشوكاني : "والظاهر أن تكبير التشريق لا يختص استحبابه بعقب الصلوات، بل هو مستحب في كل وقت من تلك الأيام، كما تدل على ذلك الآثار".
وجاء قبله (1/366) : "... ولم يثبت تعيين لفظ مخصوص ولا وقت مخصوص ولا عدد مخصوص، بل المشروع الاستكثار منه دبر الصلوات وسائر الأوقات، فما جرت عليه عادة الناس اليوم استنادا إلى بعض الكتب الفقهية من جعله عقب كل صلاة فريضة ثلاث مرات، وعقب كل صلاة نافلة مرة واحدة، وقصر المشروعية على ذلك فحسب، ليس عليه أثارة من علم فيما أعلم، وأصح ما ورد فيه عن الصحابة أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى".جاء في "الروضة الندية" (1/367) : "وأما صفة التكبير فأصح ما ورد فيه أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال : كبروا، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، قال في شرح "المنتقى" (3/116) .
نقلا عن الموسوعة الفقهية لفضيلة الشيخ حسين العوايشة.