بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته
* * * * * * * * * * * * * * * *
صفة لونه:
عن أنسرضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أزهر اللون، ليس بالأدهم ولا بالأبيض الأمهق - أي لم يكن شديد البياض والبرص - يتلألأ نوراً).
صفةوجهه:
كان صلى الله عليه وسلم أسيل الوجه مسنون الخدين ولم يكن مستديراً غايةالتدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة هو أجمل عند كل ذي ذوق سليم. وكان وجهه مثلالشمس والقمر في الإشراق والصفاء، مليحاً كأنما صيغ من فضة لا أوضأ ولا أضوأ منهوكان صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعة قمر. قال عنه البراءبن عازب: (كان أحسن الناس وجهًا و أحسنهم خلقاً).
صفة جبينه:
عن أبيهريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيل الجبين). الأسيل: هو المستوي. أخرجه عبد الرازق والبيهقي وابن عساكر. وكان صلى الله عليه وسلم واسعالجبين أي ممتد الجبين طولاً وعرضاً، والجبين هو غير الجبهة، هو ما اكتنف الجبهة منيمين وشمال، فهما جبينان، فتكون الجبهة بين جبينين. وسعة الجبين محمودة عند كل ذيذوق سليم. وقد صفه ابن أبي خيثمة فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلىالجبين، إذا طلع جبينه بين الشعر أو طلع من فلق الشعر أو عند الليل أو طلع بوجههعلى الناس، تراءى جبينه كأنه السراج المتوقد يتلألأ).
صفة حاجبيه:
كانحاجباه صلى الله عليه وسلم قويان مقوسان، متصلان اتصالاً خفيفاً، لا يرى اتصالهماإلا أن يكون مسافراً وذلك بسبب غبار السفر.
صفة عينيه:
كان صلى الله عليهوسلم مشرب العينين بحمرة، وقوله مشرب العين بحمرة: هي عروق حمر رقاق وهي من علاماتهصلى الله عليه وسلم التي في الكتب السالفة. وكانت عيناه واسعتين جميلتين، شديدتيسواد الحدقة، ذات أهداب طويلة - أي رموش العينين - ناصعتي البياض وكان صلى اللهعليه وسلم أشكل العينين. قال القسطلاني في المواهب: الشكلة بضم الشين هي الحمرةتكون في بياض العين وهو محبوب محمود. وقال الزرقاني: قال الحافظ العراقي: هي إحدىعلامات نبوته صلى الله عليه وسلم، ولما سافر مع ميسرة إلى الشام سأل عنه الراهبميسرة فقال: في عينيه حمرة؟ فقال: ما تفارقه، قال الراهب: هو شرح المواهب. وكان صلىالله عليه وسلم (إذا نظرت إليه قلت أكحل العينين وليس بأكحل) رواه الترمذي. وعنعائشة رضي الله عنها قالت: (كانت عيناه صلى الله عليه وسلم نجلاوان أدعجهما - والعين النجلاء الواسعة الحسنة والدعج: شدة سواد الحدقة، ولا يكون الدعج في شيء إلافي سواد الحدقة - وكان أهدب الأشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتها). أخرجه البيهقي فيالدلائل وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق.
صفة أنفه:
يحسبه من لم يتأملهصلى الله عليه وسلم أشماً ولم يكن أشماً وكان مستقيماً، أقنى أي طويلاً في وسطه بعضارتفاع، مع دقة أرنبته والأرنبة هي ما لان من الأنف.
صفة خديه:
كان صلىالله عليه وسلم صلب الخدين. وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلىالله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده). أخرجه ابن ماجه وقالمقبل الوادي: هذا حديث صحيح.
صفة فمه وأسنانه:
قال هند بن أبي هالة رضيالله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشنب مفلج الأسنان). الأشنب: هو الذيفي أسنانه رقة وتحدد. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والترمذي في الشمائل وابنسعد في الطبقات والبغوي في شرح السنة. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (كانرسول الله صلى الله عليه وسلم، ضليع الفم (أي واسع الفم) جميله، وكان من أحسن عبادالله شفتين وألطفهم ختم فم. وكان صلى الله عليه وسلم وسيماً أشنب - أبيض الأسنانمفلج أي متفرق الأسنان، بعيد ما بين الثنايا والرباعيات- أفلج الثنيتين - الثناياجمع ثنية بالتشديد وهي الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق وثنتان منتحت، والفلج هو تباعد بين الأسنان - إذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه، - النور المرئي يحتمل أن يكون حسياً كما يحتمل أن يكون معنوياً فيكون المقصود منالتشبيه ما يخرج من بين ثناياه من أحاديثه الشريفة وكلامه الجامع لأنواع الفصاحةوالهداية).
صفة ريقه:
لقد أعطى الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليهوسلم خصائص كثيرة لريقه الشريف ومن ذلك أن ريقه صلى الله عليه وسلم فيه شفاءللعليل، ورواء للغليل وغذاء وقوة وبركة ونماء، فكم داوى صلى الله عليه وسلم بريقهالشريف من مريض فبرىء من ساعته بإذن الله. فقد جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد رضيالله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية غداًرجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فلما أصبح الناسغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم يرجو أن يعطاها ، فقال صلى الله عليهوسلم: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: فأرسلواإليه. فأتي به وفي رواية مسلم: قال سلمة: فأرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلىعلي، فجئت به أقوده أرمد فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، فبرىء كأنهلم يكن به وجع). وروى الطبراني وأبو نعيم أن عميرة بنت مسعود الأنصارية وأخواتهادخلن على النبي صلى الله عليه وسلم يبايعنه، وهن خمس، فوجدنه يأكل قديداً (لحممجفف)، فمضغ لهن قديدة، قالت عميرة: ثم ناولني القديدة فقسمتها بينهن، فمضغت كلواحدة قطعة فلقين الله تعالى وما وجد لأفواههن خلوف، أي تغير رائحة فم. ومما يروىفي عجائب غزوة أحد، ما أصاب قتادة رضي الله عنه بسهم في عينه قد فقأتها له، فجاءإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تدلت عينه، فأخذها صلى الله عليه وسلم بيدهوأعادها ثم تفل بها ومسح عليها وقال (قم معافى بإذن الله) فعادت أبصر من أختها،فقال الشاعر (اللهم صل على من سمى ونمى ورد عين قتادة بعد العمى).
صفةلحيته:
(كان رسول الله صلى الله عليه حسن اللحية)، أخرجه أحمد وصححه أحمد شاكر. وقالت عائشة رضي الله عنها: (كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية، - والكث: الكثيرمنابت الشعر الملتفها - وكانت عنفقته بارزة، وحولها كبياض اللؤلؤ، في أسفل عنفقتهشعر منقاد حتى يقع انقيادها على شعر اللحية حتى يكون كأنه منها)، أخرجه أبو نعيموالبيهقي في دلائل النبوة وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق وابن أبي خيثمة فيتاريخه. وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: (كان في عنفقة رسول الله صلى اللهعليه وسلم شعرات بيض). أخرجه البخاري. وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: (لم يختضبرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان البياض في عنفقته). أخرجه مسلم. (وكان صلىالله عليه وسلم أسود كث اللحية، بمقدار قبضة اليد، يحسنها ويطيبها، أي يضع عليهاالطيب. وكان صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته ويكثر القناع كأن ثوبهثوب زيات). أخرجه الترمذي في الشمائل والبغوي في شرح السنة. وكان من هديه صلى اللهعليه وسلم حف الشارب وإعفاء اللحية.
صفة رأسه:
كان النبي صلى الله عليهوسلم ذا رأس ضخم.
صفة شعره:
كان صلى الله عليه وسلم شديد السواد رجلاً،أي ليس مسترسلاً كشعر الروم ولا جعداً كشعر السودان وإنما هو على هيئة المتمشط، يصلإلى أنصاف أذنيه حيناً ويرسله أحياناً فيصل إلى شحمة أذنيه أو بين أذنيه وعاتقه،وغاية طوله أن يضرب منكبيه إذا طال زمان إرساله بعد الحلق، وبهذا يجمع بين الرواياتالواردة في هذا الشأن، حيث أخبر كل واحدٍ من الرواة عما رآه في حين من الأحيان. قالالإمام النووي: (هذا، ولم يحلق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه (أي بالكلية) في سنيالهجرة إلا عام الحديبية ثم عام عمرة القضاء ثم عام حجة الوداع). وقال علي بن أبيطالب رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير شعر الرأس راجله)،أخرجه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح. ولم يكن في رأس النبي صلى الله عليه وسلم شيبإلا شعيرات في مفرق رأسه، فقد أخبر ابن سعيد أنه ما كان في لحية النبي صلى اللهعليه وسلم ورأسه إلا سبع عشرة شعرة بيضاء وفي بعض الأحاديث ما يفيد أن شيبه لا يزيدعلى عشرة شعرات وكان صلى الله عليه وسلم إذا ادهن واراهن الدهن، أي أخفاهن، وكانيدهن بالطيب والحناء. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليهوسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكانالمشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل النبي صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد)، أخرجهالبخاري ومسلم. وكان رجل الشعر حسناً ليس بالسبط ولا الجعد القطط، كما إذا مشطهبالمشط كأنه حبك الرمل، أو كأنه المتون التي تكون في الغدر إذا سفتها الرياح، فإذامكث لم يرجل أخذ بعضه بعضاً، وتحلق حتى يكون متحلقاً كالخواتم، لما كان أول مرة سدلناصيته بين عينيه كما تسدل نواصي الخيل جاءه جبريل عليه السلام بالفرق ففرق. وعنعائشة رضي الله عنها قالت: (كنت إذا أردت أن أفرق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلمصدعت الفرق من نافوخه وأرسل ناصيته بين عينيه). أخرجه أبو داود وابن ماجه. وكان صلىالله عليه وسلم يسدل شعره، أي يرسله ثم ترك ذلك وصار يفرقه، فكان الفرق مستحباً،وهو آخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم. وفرق شعر الرأس هو قسمته في المفرق وهووسط الرأس. وكان يبدأ في ترجيل شعره من الجهة اليمنى، فكان يفرق رأسه ثم يمشط الشقالأيمن ثم الشق الأيسر. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يترجل غباً، أي يمشطشعره ويتعهده من وقت إلى آخر. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلىالله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره، أي الابتداء باليمين، إذا تطهر وفي ترجله إذاترجل وفي انتعاله إذا انتعل). أخرجه البخاري.
صفة عنقه ورقبته:
رقبتهفيها طول، أما عنقه فكأنه جيد دمية (الجيد: هو العنق، والدمية: هي الصورة التي بولغفي تحسينها). فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (كان عنق رسول الله صلى اللهعليه وسلم إبريق فضة)، أخرجه ابن سعد في الطبقات والبيهقي. وعن عائشة أم المؤمنينرضي الله عنهما قالت: (كان أحسن عباد الله عنقاً، لا ينسب إلى الطول ولا إلى القصر،ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة يشوب ذهباً يتلألأ في بياض الفضةوحمرة الذهب، وما غيب في الثياب من عنقه فما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر)، أخرجهالبيهقي وابن عساكر.
صفة منكبيه:
كان صلى الله عليه وسلم أشعر المنكبين (أي عليهما شعر كثير)، واسع ما بينهما، والمنكب هو مجمع العضد والكتف. والمرادبكونه بعيد ما بين المنكبين أنه عريض أعلى الظهر ويلزمه أنه عريض الصدر مع الإشارةإلى أن بعد ما بين منكبيه لم يكن منافياً للاعتدال. وكان كتفاه عريضين عظيمين.
صفة خاتم النبوة:
وهو خاتم أسود اللون مثل الهلال وفي رواية أنه أخضراللون، وفي رواية أنه كان أحمراً، وفي رواية أخرى أنه كلون جسده. والحقيقة أنه لايوجد تدافع بين هذه الروايات لأن لون الخاتم كان يتفاوت باختلاف الأوقات، فيكونتارة أحمراً وتارة كلون جسده وهكذا بحسب الأوقات. ويبلغ حجم الخاتم قدر بيضةالحمامة، وورد أنه كان على أعلى كتف النبي صلى الله عليه وسلم الأيسر. وقد عرفسلمان الفارسي رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخاتم. فعن عبد الله بن سرجسقال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزاً ولحماً وقال ثريداً. فقيل له: أستغفر لك النبي؟ قال: نعم ولك، ثم تلى هذه الآية: (واستغفر لذنبك وللمؤمنينوالمؤمنات) محمد/19. قال: (ثم درت خلفه فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند ناغضكتفه اليسرى عليه خيلان كأمثال الثآليل)، أخرجه مسلم. قال أبو زيد رضي الله عنه: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقترب مني، فاقتربت منه، فقال: أدخل يدكفامسح ظهري، قال: فأدخلت يدي في قميصه فمسحت ظهره فوقع خاتم النبوة بين أصبعي قال: فسئل عن خاتم النبوة فقال: (شعرات بين كتفيه)، أخرجه أحمد والحاكم وقال (صحيحالإسناد) ووافقه الذهبي. اللهم كما أكرمت أبا زيد رضي الله عنه بهذا فأكرمنا به ياربنا يا إلهنا يا من تعطي السائلين من جودك وكرمك ولا تبالي.
صفةإبطيه:
كان صلى الله عليه وسلم أبيض الإبطين، وبياض الإبطين من علامة نبوته إذإن الإبط من جميع الناس يكون عادة متغير اللون. قال عبد الله بن مالك رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد فرج بين يديه (أي باعد) حتى نرى بياضإبطيه). أخرجه البخاري. وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (كان رسول الله صلىالله عليه وسلم إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطيه). أخرجه أحمد وقال الهيثمي فيالمجمع رجال أحمد رجال الصحيح.
صفة ذراعيه:
كان صلى الله عليه وسلم أشعر،طويل الزندين (أي الذراعين)، سبط القصب (القصب يريد به ساعديه).
صفةكفيه:
كان صلى الله عليه وسلم رحب الراحة (أي واسع الكف) كفه ممتلئة لحماً، غيرأنها مع غاية ضخامتها كانت لينة أي ناعمة. قال أنس رضي الله عنه: (ما مسست ديباجةولا حريرة ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم). وأما ما ورد في روايات أخرىعن خشونة كفيه وغلاظتها، فهو محمول على ما إذا عمل في الجهاد أو مهنة أهله، فإن كفهالشريفة تصير خشنة للعارض المذكور (أي العمل) وإذا ترك رجعت إلى النعومة. وعن جابربن سمرة رضي الله عنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى، ثمخرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً. قال: وأما أنا فمسح خدي. قال: فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها من جونة عطار). أخرجه مسلم.
صفة أصابعه:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: (كان رسولالله صلى الله عليه وسلم سائل الأطراف (سائل الأطراف: يريد الأصابع أنها طوال ليستبمنعقدة). أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والترمذي في الشمائل وابن سعد فيالطبقات والحاكم مختصراً والبغوي في شرح السنة والحافظ في الاصابة.
صفةصدره:
كان صلى الله عليه وسلم عريض الصدر، ممتلىءٌ لحماً، ليس بالسمين ولابالنحيل، سواء البطن والظهر. وكان صلى الله عليه وسلم أشعر أعالي الصدر، عاريالثديين والبطن (أي لم يكن عليها شعر كثير) طويل المسربة وهو الشعرالدقيق.
صفة بطنه:
قالت أم معبد رضي الله عنها: (لم تعبه ثلجه). الثلجة: كبر البطن.
صفة سرته:
عن هند بن أبي هالة رضي الله عنه: (كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم دقيق المسربة موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاريالثديين والبطن مما سوى ذلك: حديث هند تقدم تخريجه. واللبة المنحر وهو النقرة التيفوق الصدر.
صفة مفاصله وركبتيه:
كان صلى الله عليه وسلم ضخم الأعضاءكالركبتين والمرفقين والمنكبين والأصابع، وكل ذلك من دلائل قوته صلى الله عليهوسلم.
صفة ساقيه:
عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: (وخرج رسول الله صلىالله عليه وسلم كأني أنظر إلى بيض ساقيه). أخرجه البخاري في صحيحه.
صفةقدميه:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم خمصانالأخمصين مسيح القدمين ينبو عنهما الماء ششن الكفين والقدمين). قوله: خمصانالأخمصين: الأخمص من القدم ما بين صدرها وعقبها، وهو الذي لا يلتصق بالأرض منالقدمين، يريد أن ذلك منه مرتفع. مسيح القدمين: يريد أنهما ملساوان ليس في ظهورهماتكسر لذا قال ينبو عنهما الماء، يعني أنه لا ثبات للماء عليها وسشن الكفين والقدمينأي غليظ الأصابع والراحة. رواه الترمذي في الشمائل والطبراني. وكان صلى الله عليهوسلم أشبه الناس بسيدنا إبراهيم عليه السلام، وكانت قدماه الشريفتان تشبهان قدميسيدنا إبراهيم عليه السلام كما هي آثارها في مقام سيدنا إبراهيم عليهالسلام.
صفة عقبيه:
كان رسول صلى الله عليه وسلم منهوس العقبين أي لحمهماقليل.
صفة قامته و طوله:
عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلىالله عليه وسلم ربعة من القوم (أي مربوع القامة)، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير،وكان إلى الطول أقرب. وقد ورد عند البيهقي وابن عساكر أنه صلى الله عليه وسلم لميكن يماشي أحداً من الناس إلا طاله، ولربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما فإذافارقاه نسب إلى الربعة، وكان إذا جلس يكون كتفه أعلى من الجالس. فكان صلى الله عليهوسلم حسن الجسم، معتدل الخلق ومتناسب الأعضاء.
صفة عرقه:
عن أنس رضي اللهعنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ (أي كانصافياً أبيضاً مثل اللؤلؤ). وقال أيضاً: (ما شممت عنبراً قط ولا مسكاً أطيب من ريحرسول الله صلى الله عليه وسلم). أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له. وعن أنس أيضاً قال: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أي نام) عندنا، فعرق وجاءت أميبقارورة فجعلت تسلت العرق، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سليم ماهذا الذي تصنعين؟ قالت: عرق نجعله في طيبنا وهو أطيب الطيب). رواه مسلم، وفيه دليلأن الصحابة كانوا يتبركون بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أقر الرسول صلى اللهعليه وسلم أم سليم على ذلك. وكان صلى الله عليه وسلم إذا صافحه الرجل وجد ريحه (أيتبقى رائحة النبي صلى الله عليه وسلم على يد الرجل الذي صافحه)، وإذا وضع يده علىرأس صبي، فيظل يومه يعرف من بين الصبيان بريحه على رأسه.
ما جاء في اعتدالخلقه صلى الله عليه وسلم:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: (كان رسول الله صلىالله عليه وسلم معتدل الخلق، بادن متماسك، سواء البطن والصدر). أخرجه الطبرانيوالترمذي في الشمائل والبغوي في شرح السنة وابن سعد وغيرهم. وقال البراء بن عازبرضي الله عنه: (كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً). أخرجه البخاريومسلم.
الرسول المبارك صلى الله عليه وسلم بوصفٍ شامل:
يروى أن الرسولصلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه ومولاه ودليلهما، خرجوا من مكة ومروا علىخيمة امرأة عجوز تسمى (أم معبد)، كانت تجلس قرب الخيمة تسقي وتطعم، فسألوها لحماًوتمراً ليشتروا منها، فلم يجدوا عندها شيئاً. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلمإلى شاة في جانب الخيمة، وكان قد نفد زادهم وجاعوا. وسأل النبي صلى الله عليه وسلمأم معبد: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلفها الجهد والضعف عن الغنم. فقالرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل بها من لبن؟ قالت: بأبي أنت وأمي، إن رأيت بهاحلباً فاحلبها، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الشاة، ومسح بيده ضرعها، وسمى اللهجل ثناؤه ثم دعا لأم معبد في شاتها حتى فتحت الشاة رجليها، ودرت. فدعا بإناء كبير،فحلب فيه حتى امتلأ، ثم سقى المرأة حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا (أي شبعوا)، ثمشرب آخرهم، ثم حلب في الإناء مرة ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه عندها وارتحلواعنها. وبعد قليل أتى زوج المرأة (أبو معبد) يسوق عنزاً يتمايلن من الضعف، فرأىاللبن، فقال لزوجته: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب (أي الغنم) ولاحلوب في البيت!، فقالت: لا والله، إنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، فقال أبومعبد: صفيه لي يا أم معبد، فقالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه (أي مشرقالوجه)، لم تعبه نحلة (أي نحول الجسم) ولم تزر به صقلة (أنه ليس بناحلٍ ولا سمين)،وسيمٌ قسيم (أي حسن وضيء)، في عينيه دعج (أي سواد)، وفي أشفاره وطف (طويل شعرالعين)، وفي صوته صحل (بحة وحسن)، وفي عنقه سطع (طول)، وفي لحيته كثاثة (كثرة شعر)،أزج أقرن (حاجباه طويلان ومقوسان ومتصلان)، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماوعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلو المنطق،فصل لا تذر ولا هذر (كلامه بين وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)، كأن منطقه خرزات نظميتحدرن، ربعة (ليس بالطويل البائن ولا بالقصير)، لا يأس من طول، ولا تقتحمه عين منقصر، غصن بين غصين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إنقال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محشود محفود (أي عنده جماعة من أصحابهيطيعونه)، لا عابس ولا مفند (غير عابس الوجه، وكلامه خالٍ من الخرافة)، فقال أبومعبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه،ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا. وأصبح صوت بمكة عالياً يسمعه الناس، ولا يدرون منصاحبه وهو يقول: جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معبد. همانزلاها بالهدى واهتدت به فقد فاز من أمسى رفيق محمد. حديث حسن قوي أخرجه الحاكموصححه، ووافقه الذهبي. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلىالله عليه وسلم في ليلة إضحيان، وعليه حلة حمراء، فجعلت أنظر إلى رسول الله صلىالله عليه وسلم وإلى القمر، فإذا هو عندي أحسن من القمر). (إضحيان هي الليلةالمقمرة من أولها إلى آخرها). وما أحسن ما قيل في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل. (ثمال: مطعم، عصمة: مانع منظلمهم).
ما جاء في حسن النبي صلى الله عليه وسلم:
لقد وصف بأنه كانمشرباً حمرة وقد صدق من نعته بذلك، ولكن إنما كان المشرب منه حمرة ما ضحا للشمسوالرياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لايشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر. يعرف رضاه وغضبه وسروره في وجهه وكان لا يغضبإلا لله، كان إذا رضى أو سر إستنار وجهه فكأن وجهه المرآة، وإذا غضب تلون وجههواحمرت عيناه. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (استعرت من حفصة بنت رواحة إبرة كنتأخيط بها ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول اللهصلى الله عليه وسلم فتبينت الإبرة لشعاع وجهه). أخرجه ابن عساكر والأصبهاني فيالدلائل والديلمي في مسند الفردوس كما في الجامع الكبير للسيوطي.
في ختامهذا العرض لبعض صفات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الخلقية التي هي أكثر من أنيحيط بها كتاب لا بد من الإشارة إلى أن تمام الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم هوالإيمان بأن الله سبحانه وتعالى خلق بدنه الشريف في غاية الحسن والكمال على وجه لميظهر لآدمي مثله.
رحم الله حسان بن ثابت رضي الله عنه إذ قال:
خلقتمبرءاً من كل عيب ... كأنك قد خلقت كما تشاء
ويرحم الله القائل:
فهو الذيتم معناه وصور
السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته
* * * * * * * * * * * * * * * *
صفة لونه:
عن أنسرضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أزهر اللون، ليس بالأدهم ولا بالأبيض الأمهق - أي لم يكن شديد البياض والبرص - يتلألأ نوراً).
صفةوجهه:
كان صلى الله عليه وسلم أسيل الوجه مسنون الخدين ولم يكن مستديراً غايةالتدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة هو أجمل عند كل ذي ذوق سليم. وكان وجهه مثلالشمس والقمر في الإشراق والصفاء، مليحاً كأنما صيغ من فضة لا أوضأ ولا أضوأ منهوكان صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعة قمر. قال عنه البراءبن عازب: (كان أحسن الناس وجهًا و أحسنهم خلقاً).
صفة جبينه:
عن أبيهريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيل الجبين). الأسيل: هو المستوي. أخرجه عبد الرازق والبيهقي وابن عساكر. وكان صلى الله عليه وسلم واسعالجبين أي ممتد الجبين طولاً وعرضاً، والجبين هو غير الجبهة، هو ما اكتنف الجبهة منيمين وشمال، فهما جبينان، فتكون الجبهة بين جبينين. وسعة الجبين محمودة عند كل ذيذوق سليم. وقد صفه ابن أبي خيثمة فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلىالجبين، إذا طلع جبينه بين الشعر أو طلع من فلق الشعر أو عند الليل أو طلع بوجههعلى الناس، تراءى جبينه كأنه السراج المتوقد يتلألأ).
صفة حاجبيه:
كانحاجباه صلى الله عليه وسلم قويان مقوسان، متصلان اتصالاً خفيفاً، لا يرى اتصالهماإلا أن يكون مسافراً وذلك بسبب غبار السفر.
صفة عينيه:
كان صلى الله عليهوسلم مشرب العينين بحمرة، وقوله مشرب العين بحمرة: هي عروق حمر رقاق وهي من علاماتهصلى الله عليه وسلم التي في الكتب السالفة. وكانت عيناه واسعتين جميلتين، شديدتيسواد الحدقة، ذات أهداب طويلة - أي رموش العينين - ناصعتي البياض وكان صلى اللهعليه وسلم أشكل العينين. قال القسطلاني في المواهب: الشكلة بضم الشين هي الحمرةتكون في بياض العين وهو محبوب محمود. وقال الزرقاني: قال الحافظ العراقي: هي إحدىعلامات نبوته صلى الله عليه وسلم، ولما سافر مع ميسرة إلى الشام سأل عنه الراهبميسرة فقال: في عينيه حمرة؟ فقال: ما تفارقه، قال الراهب: هو شرح المواهب. وكان صلىالله عليه وسلم (إذا نظرت إليه قلت أكحل العينين وليس بأكحل) رواه الترمذي. وعنعائشة رضي الله عنها قالت: (كانت عيناه صلى الله عليه وسلم نجلاوان أدعجهما - والعين النجلاء الواسعة الحسنة والدعج: شدة سواد الحدقة، ولا يكون الدعج في شيء إلافي سواد الحدقة - وكان أهدب الأشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتها). أخرجه البيهقي فيالدلائل وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق.
صفة أنفه:
يحسبه من لم يتأملهصلى الله عليه وسلم أشماً ولم يكن أشماً وكان مستقيماً، أقنى أي طويلاً في وسطه بعضارتفاع، مع دقة أرنبته والأرنبة هي ما لان من الأنف.
صفة خديه:
كان صلىالله عليه وسلم صلب الخدين. وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلىالله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده). أخرجه ابن ماجه وقالمقبل الوادي: هذا حديث صحيح.
صفة فمه وأسنانه:
قال هند بن أبي هالة رضيالله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشنب مفلج الأسنان). الأشنب: هو الذيفي أسنانه رقة وتحدد. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والترمذي في الشمائل وابنسعد في الطبقات والبغوي في شرح السنة. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (كانرسول الله صلى الله عليه وسلم، ضليع الفم (أي واسع الفم) جميله، وكان من أحسن عبادالله شفتين وألطفهم ختم فم. وكان صلى الله عليه وسلم وسيماً أشنب - أبيض الأسنانمفلج أي متفرق الأسنان، بعيد ما بين الثنايا والرباعيات- أفلج الثنيتين - الثناياجمع ثنية بالتشديد وهي الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق وثنتان منتحت، والفلج هو تباعد بين الأسنان - إذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه، - النور المرئي يحتمل أن يكون حسياً كما يحتمل أن يكون معنوياً فيكون المقصود منالتشبيه ما يخرج من بين ثناياه من أحاديثه الشريفة وكلامه الجامع لأنواع الفصاحةوالهداية).
صفة ريقه:
لقد أعطى الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليهوسلم خصائص كثيرة لريقه الشريف ومن ذلك أن ريقه صلى الله عليه وسلم فيه شفاءللعليل، ورواء للغليل وغذاء وقوة وبركة ونماء، فكم داوى صلى الله عليه وسلم بريقهالشريف من مريض فبرىء من ساعته بإذن الله. فقد جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد رضيالله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية غداًرجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فلما أصبح الناسغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم يرجو أن يعطاها ، فقال صلى الله عليهوسلم: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: فأرسلواإليه. فأتي به وفي رواية مسلم: قال سلمة: فأرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلىعلي، فجئت به أقوده أرمد فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، فبرىء كأنهلم يكن به وجع). وروى الطبراني وأبو نعيم أن عميرة بنت مسعود الأنصارية وأخواتهادخلن على النبي صلى الله عليه وسلم يبايعنه، وهن خمس، فوجدنه يأكل قديداً (لحممجفف)، فمضغ لهن قديدة، قالت عميرة: ثم ناولني القديدة فقسمتها بينهن، فمضغت كلواحدة قطعة فلقين الله تعالى وما وجد لأفواههن خلوف، أي تغير رائحة فم. ومما يروىفي عجائب غزوة أحد، ما أصاب قتادة رضي الله عنه بسهم في عينه قد فقأتها له، فجاءإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تدلت عينه، فأخذها صلى الله عليه وسلم بيدهوأعادها ثم تفل بها ومسح عليها وقال (قم معافى بإذن الله) فعادت أبصر من أختها،فقال الشاعر (اللهم صل على من سمى ونمى ورد عين قتادة بعد العمى).
صفةلحيته:
(كان رسول الله صلى الله عليه حسن اللحية)، أخرجه أحمد وصححه أحمد شاكر. وقالت عائشة رضي الله عنها: (كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية، - والكث: الكثيرمنابت الشعر الملتفها - وكانت عنفقته بارزة، وحولها كبياض اللؤلؤ، في أسفل عنفقتهشعر منقاد حتى يقع انقيادها على شعر اللحية حتى يكون كأنه منها)، أخرجه أبو نعيموالبيهقي في دلائل النبوة وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق وابن أبي خيثمة فيتاريخه. وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: (كان في عنفقة رسول الله صلى اللهعليه وسلم شعرات بيض). أخرجه البخاري. وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: (لم يختضبرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان البياض في عنفقته). أخرجه مسلم. (وكان صلىالله عليه وسلم أسود كث اللحية، بمقدار قبضة اليد، يحسنها ويطيبها، أي يضع عليهاالطيب. وكان صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته ويكثر القناع كأن ثوبهثوب زيات). أخرجه الترمذي في الشمائل والبغوي في شرح السنة. وكان من هديه صلى اللهعليه وسلم حف الشارب وإعفاء اللحية.
صفة رأسه:
كان النبي صلى الله عليهوسلم ذا رأس ضخم.
صفة شعره:
كان صلى الله عليه وسلم شديد السواد رجلاً،أي ليس مسترسلاً كشعر الروم ولا جعداً كشعر السودان وإنما هو على هيئة المتمشط، يصلإلى أنصاف أذنيه حيناً ويرسله أحياناً فيصل إلى شحمة أذنيه أو بين أذنيه وعاتقه،وغاية طوله أن يضرب منكبيه إذا طال زمان إرساله بعد الحلق، وبهذا يجمع بين الرواياتالواردة في هذا الشأن، حيث أخبر كل واحدٍ من الرواة عما رآه في حين من الأحيان. قالالإمام النووي: (هذا، ولم يحلق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه (أي بالكلية) في سنيالهجرة إلا عام الحديبية ثم عام عمرة القضاء ثم عام حجة الوداع). وقال علي بن أبيطالب رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير شعر الرأس راجله)،أخرجه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح. ولم يكن في رأس النبي صلى الله عليه وسلم شيبإلا شعيرات في مفرق رأسه، فقد أخبر ابن سعيد أنه ما كان في لحية النبي صلى اللهعليه وسلم ورأسه إلا سبع عشرة شعرة بيضاء وفي بعض الأحاديث ما يفيد أن شيبه لا يزيدعلى عشرة شعرات وكان صلى الله عليه وسلم إذا ادهن واراهن الدهن، أي أخفاهن، وكانيدهن بالطيب والحناء. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليهوسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكانالمشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل النبي صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد)، أخرجهالبخاري ومسلم. وكان رجل الشعر حسناً ليس بالسبط ولا الجعد القطط، كما إذا مشطهبالمشط كأنه حبك الرمل، أو كأنه المتون التي تكون في الغدر إذا سفتها الرياح، فإذامكث لم يرجل أخذ بعضه بعضاً، وتحلق حتى يكون متحلقاً كالخواتم، لما كان أول مرة سدلناصيته بين عينيه كما تسدل نواصي الخيل جاءه جبريل عليه السلام بالفرق ففرق. وعنعائشة رضي الله عنها قالت: (كنت إذا أردت أن أفرق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلمصدعت الفرق من نافوخه وأرسل ناصيته بين عينيه). أخرجه أبو داود وابن ماجه. وكان صلىالله عليه وسلم يسدل شعره، أي يرسله ثم ترك ذلك وصار يفرقه، فكان الفرق مستحباً،وهو آخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم. وفرق شعر الرأس هو قسمته في المفرق وهووسط الرأس. وكان يبدأ في ترجيل شعره من الجهة اليمنى، فكان يفرق رأسه ثم يمشط الشقالأيمن ثم الشق الأيسر. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يترجل غباً، أي يمشطشعره ويتعهده من وقت إلى آخر. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلىالله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره، أي الابتداء باليمين، إذا تطهر وفي ترجله إذاترجل وفي انتعاله إذا انتعل). أخرجه البخاري.
صفة عنقه ورقبته:
رقبتهفيها طول، أما عنقه فكأنه جيد دمية (الجيد: هو العنق، والدمية: هي الصورة التي بولغفي تحسينها). فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (كان عنق رسول الله صلى اللهعليه وسلم إبريق فضة)، أخرجه ابن سعد في الطبقات والبيهقي. وعن عائشة أم المؤمنينرضي الله عنهما قالت: (كان أحسن عباد الله عنقاً، لا ينسب إلى الطول ولا إلى القصر،ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة يشوب ذهباً يتلألأ في بياض الفضةوحمرة الذهب، وما غيب في الثياب من عنقه فما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر)، أخرجهالبيهقي وابن عساكر.
صفة منكبيه:
كان صلى الله عليه وسلم أشعر المنكبين (أي عليهما شعر كثير)، واسع ما بينهما، والمنكب هو مجمع العضد والكتف. والمرادبكونه بعيد ما بين المنكبين أنه عريض أعلى الظهر ويلزمه أنه عريض الصدر مع الإشارةإلى أن بعد ما بين منكبيه لم يكن منافياً للاعتدال. وكان كتفاه عريضين عظيمين.
صفة خاتم النبوة:
وهو خاتم أسود اللون مثل الهلال وفي رواية أنه أخضراللون، وفي رواية أنه كان أحمراً، وفي رواية أخرى أنه كلون جسده. والحقيقة أنه لايوجد تدافع بين هذه الروايات لأن لون الخاتم كان يتفاوت باختلاف الأوقات، فيكونتارة أحمراً وتارة كلون جسده وهكذا بحسب الأوقات. ويبلغ حجم الخاتم قدر بيضةالحمامة، وورد أنه كان على أعلى كتف النبي صلى الله عليه وسلم الأيسر. وقد عرفسلمان الفارسي رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخاتم. فعن عبد الله بن سرجسقال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزاً ولحماً وقال ثريداً. فقيل له: أستغفر لك النبي؟ قال: نعم ولك، ثم تلى هذه الآية: (واستغفر لذنبك وللمؤمنينوالمؤمنات) محمد/19. قال: (ثم درت خلفه فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند ناغضكتفه اليسرى عليه خيلان كأمثال الثآليل)، أخرجه مسلم. قال أبو زيد رضي الله عنه: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقترب مني، فاقتربت منه، فقال: أدخل يدكفامسح ظهري، قال: فأدخلت يدي في قميصه فمسحت ظهره فوقع خاتم النبوة بين أصبعي قال: فسئل عن خاتم النبوة فقال: (شعرات بين كتفيه)، أخرجه أحمد والحاكم وقال (صحيحالإسناد) ووافقه الذهبي. اللهم كما أكرمت أبا زيد رضي الله عنه بهذا فأكرمنا به ياربنا يا إلهنا يا من تعطي السائلين من جودك وكرمك ولا تبالي.
صفةإبطيه:
كان صلى الله عليه وسلم أبيض الإبطين، وبياض الإبطين من علامة نبوته إذإن الإبط من جميع الناس يكون عادة متغير اللون. قال عبد الله بن مالك رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد فرج بين يديه (أي باعد) حتى نرى بياضإبطيه). أخرجه البخاري. وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (كان رسول الله صلىالله عليه وسلم إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطيه). أخرجه أحمد وقال الهيثمي فيالمجمع رجال أحمد رجال الصحيح.
صفة ذراعيه:
كان صلى الله عليه وسلم أشعر،طويل الزندين (أي الذراعين)، سبط القصب (القصب يريد به ساعديه).
صفةكفيه:
كان صلى الله عليه وسلم رحب الراحة (أي واسع الكف) كفه ممتلئة لحماً، غيرأنها مع غاية ضخامتها كانت لينة أي ناعمة. قال أنس رضي الله عنه: (ما مسست ديباجةولا حريرة ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم). وأما ما ورد في روايات أخرىعن خشونة كفيه وغلاظتها، فهو محمول على ما إذا عمل في الجهاد أو مهنة أهله، فإن كفهالشريفة تصير خشنة للعارض المذكور (أي العمل) وإذا ترك رجعت إلى النعومة. وعن جابربن سمرة رضي الله عنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى، ثمخرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً. قال: وأما أنا فمسح خدي. قال: فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها من جونة عطار). أخرجه مسلم.
صفة أصابعه:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: (كان رسولالله صلى الله عليه وسلم سائل الأطراف (سائل الأطراف: يريد الأصابع أنها طوال ليستبمنعقدة). أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والترمذي في الشمائل وابن سعد فيالطبقات والحاكم مختصراً والبغوي في شرح السنة والحافظ في الاصابة.
صفةصدره:
كان صلى الله عليه وسلم عريض الصدر، ممتلىءٌ لحماً، ليس بالسمين ولابالنحيل، سواء البطن والظهر. وكان صلى الله عليه وسلم أشعر أعالي الصدر، عاريالثديين والبطن (أي لم يكن عليها شعر كثير) طويل المسربة وهو الشعرالدقيق.
صفة بطنه:
قالت أم معبد رضي الله عنها: (لم تعبه ثلجه). الثلجة: كبر البطن.
صفة سرته:
عن هند بن أبي هالة رضي الله عنه: (كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم دقيق المسربة موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاريالثديين والبطن مما سوى ذلك: حديث هند تقدم تخريجه. واللبة المنحر وهو النقرة التيفوق الصدر.
صفة مفاصله وركبتيه:
كان صلى الله عليه وسلم ضخم الأعضاءكالركبتين والمرفقين والمنكبين والأصابع، وكل ذلك من دلائل قوته صلى الله عليهوسلم.
صفة ساقيه:
عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: (وخرج رسول الله صلىالله عليه وسلم كأني أنظر إلى بيض ساقيه). أخرجه البخاري في صحيحه.
صفةقدميه:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم خمصانالأخمصين مسيح القدمين ينبو عنهما الماء ششن الكفين والقدمين). قوله: خمصانالأخمصين: الأخمص من القدم ما بين صدرها وعقبها، وهو الذي لا يلتصق بالأرض منالقدمين، يريد أن ذلك منه مرتفع. مسيح القدمين: يريد أنهما ملساوان ليس في ظهورهماتكسر لذا قال ينبو عنهما الماء، يعني أنه لا ثبات للماء عليها وسشن الكفين والقدمينأي غليظ الأصابع والراحة. رواه الترمذي في الشمائل والطبراني. وكان صلى الله عليهوسلم أشبه الناس بسيدنا إبراهيم عليه السلام، وكانت قدماه الشريفتان تشبهان قدميسيدنا إبراهيم عليه السلام كما هي آثارها في مقام سيدنا إبراهيم عليهالسلام.
صفة عقبيه:
كان رسول صلى الله عليه وسلم منهوس العقبين أي لحمهماقليل.
صفة قامته و طوله:
عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلىالله عليه وسلم ربعة من القوم (أي مربوع القامة)، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير،وكان إلى الطول أقرب. وقد ورد عند البيهقي وابن عساكر أنه صلى الله عليه وسلم لميكن يماشي أحداً من الناس إلا طاله، ولربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما فإذافارقاه نسب إلى الربعة، وكان إذا جلس يكون كتفه أعلى من الجالس. فكان صلى الله عليهوسلم حسن الجسم، معتدل الخلق ومتناسب الأعضاء.
صفة عرقه:
عن أنس رضي اللهعنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ (أي كانصافياً أبيضاً مثل اللؤلؤ). وقال أيضاً: (ما شممت عنبراً قط ولا مسكاً أطيب من ريحرسول الله صلى الله عليه وسلم). أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له. وعن أنس أيضاً قال: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أي نام) عندنا، فعرق وجاءت أميبقارورة فجعلت تسلت العرق، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سليم ماهذا الذي تصنعين؟ قالت: عرق نجعله في طيبنا وهو أطيب الطيب). رواه مسلم، وفيه دليلأن الصحابة كانوا يتبركون بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أقر الرسول صلى اللهعليه وسلم أم سليم على ذلك. وكان صلى الله عليه وسلم إذا صافحه الرجل وجد ريحه (أيتبقى رائحة النبي صلى الله عليه وسلم على يد الرجل الذي صافحه)، وإذا وضع يده علىرأس صبي، فيظل يومه يعرف من بين الصبيان بريحه على رأسه.
ما جاء في اعتدالخلقه صلى الله عليه وسلم:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: (كان رسول الله صلىالله عليه وسلم معتدل الخلق، بادن متماسك، سواء البطن والصدر). أخرجه الطبرانيوالترمذي في الشمائل والبغوي في شرح السنة وابن سعد وغيرهم. وقال البراء بن عازبرضي الله عنه: (كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً). أخرجه البخاريومسلم.
الرسول المبارك صلى الله عليه وسلم بوصفٍ شامل:
يروى أن الرسولصلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه ومولاه ودليلهما، خرجوا من مكة ومروا علىخيمة امرأة عجوز تسمى (أم معبد)، كانت تجلس قرب الخيمة تسقي وتطعم، فسألوها لحماًوتمراً ليشتروا منها، فلم يجدوا عندها شيئاً. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلمإلى شاة في جانب الخيمة، وكان قد نفد زادهم وجاعوا. وسأل النبي صلى الله عليه وسلمأم معبد: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلفها الجهد والضعف عن الغنم. فقالرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل بها من لبن؟ قالت: بأبي أنت وأمي، إن رأيت بهاحلباً فاحلبها، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الشاة، ومسح بيده ضرعها، وسمى اللهجل ثناؤه ثم دعا لأم معبد في شاتها حتى فتحت الشاة رجليها، ودرت. فدعا بإناء كبير،فحلب فيه حتى امتلأ، ثم سقى المرأة حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا (أي شبعوا)، ثمشرب آخرهم، ثم حلب في الإناء مرة ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه عندها وارتحلواعنها. وبعد قليل أتى زوج المرأة (أبو معبد) يسوق عنزاً يتمايلن من الضعف، فرأىاللبن، فقال لزوجته: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب (أي الغنم) ولاحلوب في البيت!، فقالت: لا والله، إنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، فقال أبومعبد: صفيه لي يا أم معبد، فقالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه (أي مشرقالوجه)، لم تعبه نحلة (أي نحول الجسم) ولم تزر به صقلة (أنه ليس بناحلٍ ولا سمين)،وسيمٌ قسيم (أي حسن وضيء)، في عينيه دعج (أي سواد)، وفي أشفاره وطف (طويل شعرالعين)، وفي صوته صحل (بحة وحسن)، وفي عنقه سطع (طول)، وفي لحيته كثاثة (كثرة شعر)،أزج أقرن (حاجباه طويلان ومقوسان ومتصلان)، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماوعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلو المنطق،فصل لا تذر ولا هذر (كلامه بين وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)، كأن منطقه خرزات نظميتحدرن، ربعة (ليس بالطويل البائن ولا بالقصير)، لا يأس من طول، ولا تقتحمه عين منقصر، غصن بين غصين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إنقال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محشود محفود (أي عنده جماعة من أصحابهيطيعونه)، لا عابس ولا مفند (غير عابس الوجه، وكلامه خالٍ من الخرافة)، فقال أبومعبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه،ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا. وأصبح صوت بمكة عالياً يسمعه الناس، ولا يدرون منصاحبه وهو يقول: جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معبد. همانزلاها بالهدى واهتدت به فقد فاز من أمسى رفيق محمد. حديث حسن قوي أخرجه الحاكموصححه، ووافقه الذهبي. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلىالله عليه وسلم في ليلة إضحيان، وعليه حلة حمراء، فجعلت أنظر إلى رسول الله صلىالله عليه وسلم وإلى القمر، فإذا هو عندي أحسن من القمر). (إضحيان هي الليلةالمقمرة من أولها إلى آخرها). وما أحسن ما قيل في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل. (ثمال: مطعم، عصمة: مانع منظلمهم).
ما جاء في حسن النبي صلى الله عليه وسلم:
لقد وصف بأنه كانمشرباً حمرة وقد صدق من نعته بذلك، ولكن إنما كان المشرب منه حمرة ما ضحا للشمسوالرياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لايشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر. يعرف رضاه وغضبه وسروره في وجهه وكان لا يغضبإلا لله، كان إذا رضى أو سر إستنار وجهه فكأن وجهه المرآة، وإذا غضب تلون وجههواحمرت عيناه. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (استعرت من حفصة بنت رواحة إبرة كنتأخيط بها ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول اللهصلى الله عليه وسلم فتبينت الإبرة لشعاع وجهه). أخرجه ابن عساكر والأصبهاني فيالدلائل والديلمي في مسند الفردوس كما في الجامع الكبير للسيوطي.
في ختامهذا العرض لبعض صفات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الخلقية التي هي أكثر من أنيحيط بها كتاب لا بد من الإشارة إلى أن تمام الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم هوالإيمان بأن الله سبحانه وتعالى خلق بدنه الشريف في غاية الحسن والكمال على وجه لميظهر لآدمي مثله.
رحم الله حسان بن ثابت رضي الله عنه إذ قال:
خلقتمبرءاً من كل عيب ... كأنك قد خلقت كما تشاء
ويرحم الله القائل:
فهو الذيتم معناه وصور